الأحد، 28 ديسمبر 2014

خطر تنامي معاداة الإسلام في السويد ، بقلم محمود الدبعي




خطر تنامي معاداة الإسلام في السويد ، بقلم محمود الدبعي

ArabNyheter | 2014/12/28


يُقدر عدد المسلمين في السويد بحوالي 750 الف شخصاً يمثلون 8 بالمائة من اجمالي عددالسكان ، كما أنهم يشكلون أكبر اقلية دينية في السويد. و الى جانب افرازات قوانين الحرب على الارهاب يشكوا مسلمو السويد من التمييز ضدهم في مجال العمل والاسكان وهو ما أخذ حيزاً كبيرا من الانتقادات التي أجملتها الجمعيات و المنظمات الاسلامية في تقريرها الى الامم المتحدة في العم الماضي. بعد الإعتداءات الغاشمة على مساجد المسلمين في يوم 25 ديسمبر ، نجد أن هذا التقرير من الأهمية في مكان لإعادة طرحة على الحكومة السويدية لإتخاذ اجراءات قانونية للحد من تنامي الخطر العنصري على الجاليات المسلمة في السويد.
منذ اكثر من عام ونصف حذرت عشر جمعيات ومنظمات إسلامية سويدية من أن الحكومة البرجوازية السابقة لا تأخذ على محمل الجد ما أعتبرته وضعا مهددا ناجما عن ما وصفته بتنامي التمييز والخوف من الأسلام داخل السويد. جاء هذا التحذير من الجمعيات و المنظمات الإسلامية في تقرير بديل الى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة العنصرية، ردا على التقارير الدورية الثلاثة التي قدمتها الحكومة السويدية السابقة الى اللجنة. التقرير يتهم حكومة اليمين والوسط بالفشل في طرح مسألة تنامي التمييز ضد المسلمين وضعف جهودها في محاربة التمييز ضدهم. لم يعد المسلم يخشى التميز فحسب ، بل تطور ذلك ليخشى على حياته و حياة عائلته و ممتلكاته ويهاب الظهور في الأماكن العامة و يفضل العزلة و العيش على هامش المجتمع. و زاد الطين بلة أن المجتمع يتهمهم برفض الإندماج و التعاطي مع قيم المجتمع و الإعتماد على مساعدات الشؤون الإجتماعية ( السوسيال) و عدم البحث عن عمل ليكتفي ذاتيا اسوة بالسويديين.
و استغلت عناصر اليمين المتطرف ذلك و نشروا ثقافة الخوف من الإسلام و المسلمين و رسخوا ثقافة الكراهية للأجنبي في نفوس السويديين. ان العنصرية التي تمارسها جماعات اليمين المتطرف ضد الاجانب تحولت الى عنف دموي. فالعنصرية في السويد هي عنصرية منظمة تمارس من خلال إختراقها دوائر الدولة ومؤسساتها بصمت. العنصرية في السويد لا تقل شكلاً ومضموناً عن عنصرية هايدر الزعيم اليميني العنصري النمساوي المتطرف.
رغم أن المنظمات والجمعيات الاسلامية توجهت بتقرير بديل الى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة العنصرية،لم يصدر عن الحكومة السابقة اي اجراء للتصدي للعنف العنصري الذي بدأ يتنامى في المجتمع . حيث اجابت الحكومة السويدية السابقة على أسئلة لجنة مكافحة التمييز التابعة للأمم المتحدة في جنيف بشأن تصاعد نشاطات المنظمات التي تروج للأفكار العنصرية في السويد، وأمكانية أصدار تحريم قانوني لنشاطات تلك المنظمات. وحسب كارل هنيريك أيرينكرونا المسؤول القانوني في وزارة الخارجية السويدية عام 2008 فأن المنظمة الدولية تفهمت موقف السويد القائم على عدم تحريم نشاط أي مجموعة أن لم تتورط بالقيام بأعمال أو نشاطات أجرامية.
وكانت المنظمة السويدية للأمم المتحدة قد أصدرت بالتزامن مع هذه الدراسة تقريرا حذر من تصاعد التمييز الأثني في السويد ودعا الى منع الأحزاب التي تروج لأفكار وسياسات عنصرية كحزبي الجبهة الأشتراكية القومية، وحركة المقاومة السويدية، وكحل لما يعانيه الأفراد المنحدرون من أقليات أثنية من نقص في التمتع بالضمانات الحقوقية، أقترح التقرير تخصيص حصص محددة لممثلي هذه الأقليات في الجهاز الحقوقي.
الأحزاب السياسية السويدية جميعها تتعامل بحذر مع تنامي خطر اليمين المتطرف، وتشكك في أن تؤدي مثل هذه المطالب الى أنحسار الميول والنزعات العنصرية،. فقد رأى محرم ديميروك من قيادة حزب الوسط آنذاك، أن الوضع الحالي الذي يتيح لليمين المتطرف نشر أفكاره أفضل من اللجوء الى المنع والتحريم:
ـ يقول محرم ديميروك أن منع منظمات اليمين المتطرف يمكن تنفيذه اليوم، ولكن ذلك سيشكل خرقا للدستور، فنحن لدينا حماية فيما يتعلق بحرية التعبير، والتظاهر، وما دامت تلك المنظمات لم تختر خرق دستورنا السويدي، فمن الصعب حظرها. ويمضي ديميروك الى القول من الواضح أن المنظمة السويدية للأمم المتحدة ترى وجوب تغيير الدستور السويدي، وأنا لست متأكد من أني أشاطرها الرأي فيما يتعلق بهذا الموضوع.
ولم تجد الدعوة الى منع الأحزاب ذات الميول العنصرية حماسا حتى بين أوساط أحزاب اليسار المعارض، حيث يرى لوتشيانو أستوديلو عضو البرلمان عن الحزب الأشتراكي الديمقراطي آنذاك، أن علنية عمل المنظمات اليمينية المتطرفة يمكن من متابعة أنشاطتها ومواجهتها، وقد يؤدي المنع الى أنتقالها الى العمل السري.
الأحزاب السويدية الأخرى مثل حزب البيئة و الحزب اليساري تتشاطر الرأي مع الأحزاب البرجوازية ، بان تحريم عمل المنظمات العنصرية ليس خيارا مناسبا، لكنها تختلف فيما يتعلق بموضوع الحصص المقترحة للأقليات الأثنية في بعض الهيئات والأجهزة الرسمية، فأحزاب اليمين الوسط البرجوازية ترى أن هناك بدائل أنسب تتمثل في تدابير فعالة تتمثل بالأستفادة من مختلف الخبرات والمعارف اللغوية والثقافات. محرم ديميروك يرى أن اللجوء الى المحاصصة لن يحل مشكلة بل سيضيف مشكلة أخرى.
أستوديلو من الحزب الأشتراكي الديمقراطي لا يرحب هو الآخر بفكرة المحاصصة:
ـ بدلا من المحاصصة هناك أكثر من سبب لفحص أمكانية تفعيل تدابير لزيادة التعددية في أماكن العمل، ومحاربة التمييز. في حزب اليسار أيضا لا يؤيدون التحاصص، ويريدون أن تكون لكل شركة أو محل عمل في القطاعين العام والخاص يزيد عدد العاملين فيه عن عشرين شخصا، خطة للتعددية الأثنية بين العاملين فيه، كاله لاشون أحد ممثلي الحزب اليسار في البرلمان سابقا يقول أننا لا نعتقد أن هناك ضرورة لأعتماد نظام المحاصصة ولكننا منفتحون لمناقشة مختلف المقترحات الرامية الى زيادة التعددية في أماكن العمل.
لقد تزايد العداء للإسلام أو الخوف من الإسلام و برزت جماعات و احزاب يمينية متطرفة تصنف، كأكثر أنواع العنصرية عدوانية وأكثرها نمواً، حيث يُشار الى المسلمين على انهم مجموعة واحدة متجانسه ويُعاملون على هذا الاساس. الإحزاب العنصرية في السويد والتي تمثل اليمين المتطرفة كثيرة، نذكر منها حزب السويديين Svenskarnas parti وهو جزء من حركة حكم البيض vit makt-rörelsen و النازيين السويديين De svenska nazisterna و حزب الشمال الوطني Nordiska rikspartiet, و جماعة حالقي الرؤوس skinnskallekulturen. و حزب ديمقراطي السويد SD و النازيين الجدد مثل الجبهة الوطنية ٌ Riksfronten جبهة الإشتراكيين الوطنية Nationalsocialistisk Front والتي حلت ليحل محلها جبهة الشعب Folkfronten و بعدها استقروا على اسم حزب السويديين Svenskarnas part وهي اكثر الأحزاب تطرفا و حركة المقاومة السويدية Svenska motståndsrörelsen
اشار عمر مصطفى رئيس الرابطة الاسلامية بالسويد (عند كتابة التقرير) بالقول حول تنامي الخطر العنصري:
"مع أن المسلمين يأتون من دول وأعراق وقوميات مختلفة لكن يُعاملوا في هذه البلاد كقومية واحده وتعاني من نفس التمييز في السكن وفي الدراسة وفي المؤسسات المدنية أو الحكومية وكمثال على ذلك الخدمات الاجتماعية التي تأخذ الاطفال لأسباب غير معروفه" .
-هناك تمييز في سوق العمل وفي السكن ، والاحصائيات تقول بأنه لو كان اسمك ايريك فإن فرصتك بالحصول على سكن أكبر من فرصتك اذا ما كان اسمك محمد ، فقط الاسم يمنعك من الحصول على وظيفة أو سكن"، قال عمر مصطفى رئيس الرابطة الإسلامية بالسويد.
الجمعيات و المنظمات الإسلامية أنتقد أيضاً طريقة تناول وسائل الاعلام السويدية وخصوصاً الاعلام الإليكتروني للإسلام والتي تلعب دوراً أساسياً في تشكيل الرأي العام وفي زيادة التمييز العنصري. و اما الباحث هوكان فيتفيلت يتساءل في الدراسة كيف أصبحت النظرة للإسلام اليوم على أنه مُصطلح جمعي لكل ما هو أجنبي ومجهول ويهدد بالخطر.
ماتياس غارديل الاستاذ في قسم تاريخ الاديان في جامعة اوبسالا علق على ما جاء في التقرير بالقول" :ان الحقائق الواردة في التقرير لا تمثل جديداً بالنسبة لي كباحث، ولكني سعيد بأن مسلمي السويد تجمعوا بهذه الطريقة من أجل مطالبة الحكومة السويدية بتنفيذ التعهدات الدولية "
واضافغارديل " أنه بالتأكيد موقف يصعب الدفاع عنه أن تكون لدينا عنصرية بهذا الشكل الكبير في سوق الاسكان وفي سوق العمل وأن ينظر الناس للمسلمين على أساس أن هويتهم مشبوهة ، بحيث لا تشعر الفتاة التي ترتدي الحجاب بالأمان أثناء تجولها في المدينة ، ذلك أمر غير مقبول على الإطلاق". استاذ تأريخ الاديان في جامعة اوبسالا ماتياس غارديل يتمنى بأن يكون هناك تعاون بين مختلف المنظمات الإسلامية والحكومة السويدية في سبيل التغلب على المشاكل الراهنة.
"آمل أن تتقبل الحكومة اليد الممدودة اليها وأن يعملوا جنباً الى جنب من اجل التوصل الى حل لهذه المعضلات".
خوله شنوفي نائبة رئيس اتحاد الشباب المسلم في السويد ( عند اعداد التقرير) تحدثت ايضاُ حول التمييز في مجال في الاسكان وما ينجم عنه من لجوء المسلمين الى العيش في مناطق قد تكون معزولة اجتماعياً عن المجتمع : "في السويد أصبحت البيوت فقط للبيع وليس هناك الكثير منها للإيجار، وأكثرية الناس تقترض من البنك والمسلمون ليس بمقدورهم أخذ قروض لان فيها ربا ، فأصبح المسلمون يعيشون في أماكن غير جيده"
و اوردت خوله شنوفي بعض الامثلة لما تتعرض له هي كفتاة مسلمة سويدية من مضايقات من قبل البعض فتقول بأنه وفي أحد المرات كان أحدهم يصرخ فيها من دون سبب سوى أنها ترتدي الحجاب ، كما تم دفعها أكثر من مره ، لكنها تشير الى ان مثل هذه الاحداث تقع لفتيات من غير المسلمات وبالطبع هذا السلوك لا ينطبق على كل السويديين"
د. محمود الدبعي
رئيس منظمة السلام للإغاثة و حقوق الإنسان الدولية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق